نحو اطار عام لدراسة ادارة الأزمات
إن مفهوم إدارة الأزمات وهو مفهوم قديم وليس وليد اليوم ، فالتعامل مع الأزمة وكيفية مواجهتها وجد منذ عصور بعيدة، حيث دعت الحاجة الإنسانية والظروف الطبيعة إليها فكان مظهرا من مظاهر التعامل الإنساني مع المواقف الطارئة أو الحرجة التي واجهها الإنسان، والفرق الوحيد بين التعامل مع الأزمات قديما وحديثا أنه لم يكن مطروح مفهوم إدارة الأزمات بالشكل الواضح كما في هذا الوقت، وإنما كان موجودا بمفهومة العملي ثم تطور بعد ذلك تحت مسميات أخرى مثل الحنكة الدبلوماسية أو براعة القيادة أو حسن الإدارة .... الخ.
كما أن عملية التخطيط لمواجهة الأزمات هي عملية وضع ضوابط علمية وواقعية يتم إعدادها بشكل مبكر بقدر الإمكان لمواجهة الأزمة المحتملة أو المتوقعة، كما أنها تستهدف خلق نوع من المساهمة الفعالة في منع حدوث الأزمة المحتملة والتصدي لها حال حدوثها والعودة إلى الوضع الطبيعي بعد انتهائها مثال على ذلك (عودة ماليزيا للوضع الطبيعي بعد انتهاء الأزمة المالية عام 1997م، إثر الإدارة الجيدة للأزمة والاعتماد على الإمكانيات الذاتية الماليزية وعدم لجوئها للمنظمات الاقتصادية الدولية، التي كان من الممكن أن تحل الأزمة بشكل وقتي ولكن الأزمة ستتفاقم بعد ذلك على المدى البعيد مثل ما حدث في إندونيسيا)، وترتبط عملية التخطيط لمواجهة الأزمات بشكل وثيق بالسياسة العامة للدولة والتي تتم في ظل إمكانياتها وتوجيهاتها، وتشكل عملية التخطيط الركيزة الرئيسية لإدارة فعالة لأي أزمة بصرف النظر عن نوعيتها، حيث يمكن تطبيق أسس عملية التخطيط على أي نوع من أنواع الأزمات المحتملة.
ويرتبط جوهر عملية التخطيط أولا بعملية التنبؤ بالأزمات المحتملة وأطرافها والظروف المحيطة بها، وتحديد الأطراف الرئيسية لإدارة الأزمة عند نشوبها أو تحديد الأسس الإستراتيجية التي تتم من خلالها معالجة الأزمة مثل محاولة التعرف على كافة المخاطر والتهديدات المحتملة التي يمكن أن تصاحب حدوث الأزمة، وتقييم تلك المخاطر وتحديد الأوليات طبقا لأهميتها، وأيضا الجهات والمؤسسات التي ستشترك في إدارة الأزمة وأدوار كل منها، ثم يتم تحديد أسلوب التنفيذ للخطة الموضوعة حال وقوع الأزمة والتصرف وفقا لهذا المفهوم.
وتعتمد إدارة أي أزمة على الخطة العملية الموضوعة لمواجهتها والتي تتضمن كافة البدائل الممكنة التي يتم التوصل إليها من خلال جمع البيانات والمعلومات وتحليلها وتصنيفها واستعراض تجارب الدول المتقدمة في التعامل مع مثل تلك الأزمة وتدريب الفرق المختصة أو المكلفة بالإشراف على إدارة الأزمة بغية نجاحها ، ويحتاج ذلك كله إلى وضع خطة ثابتة يقوم المركز المختص بإدارة الأزمات بوضعها للتعامل مع الأزمة في مراحل مبكرة وقبل حدوثها اعتمادا على عنصري التنبؤ والتوقع، كما يحتاج إلى تحديد نوع الأزمة وطبيعتها ووقت ومكان حدوثها، إضافة إلى تحديد الإطار العام لها والظروف الملابسة لها وإمكانية تشابهها مع مثيلاتها من أزمات سابقة، واستخلاص النتائج والعبر منها، وهو الأمر الذي يحتاج إلى فريق متخصص ومؤهل على إدارة الأزمات ومدرب على تنفيذ الخطط أو تعديلها عند وقوع الأزمات.
وتعددت محاولات تعريف مفهوم إدارة الأزمات ويشير التعريف الأول على أنها: (اتخاذ إجراءات طارئة تحت ضغوط متنوعة ومتعددة ومؤثرات داخلية لحل مشكلات سببتها الأزمة نفسها إما بفعل وإما بتراكم أثار وسلبيات البيروقراطية والإهمال مرورا بعواقب الأزمة أو خسائرها)، ويشير التعريف الثاني على أنها: (العملية الإدارية المستمرة للنظام السياسي التي تهتم بالتنبؤ بالأزمات المحتملة عن طريق الاستشعار ورصد المتغيرات للبيئتين الداخلية والدولية المولدة للأزمات، وتعبئة الموارد والإمكانيات المتاحة لمنع أو للتعامل مع الأزمات بأكبر قدر ممكن من الكفاءة والفاعلية وبما يحقق أقل قدر ممكن من الضرر للنظام وللبيئة والعاملين على ضمان العودة للأوضاع الطبيعية في أسرع وقت وبأقل تكلفة، مع استخلاص الدروس والنتائج المهمة لمنع حدوثها وتحسين طرق التعامل معها مستقبلا، وتعظيم الفائدة الناتجة عنها إلى أقصى درجة.
أهداف إدارة الأزمات:
تسعي إدارة الأزمات إلى تحقيق العديد من الغايات والأهداف الأساسية من أهمها:-
· تجنب الإنهيار التام في التوازن داخل النظام والتوفيق بين الحاجة إلى حماية المصالح المعرضة للخطر والرغبة في تجنب التصعيد غير المرغوب فيه للأزمة وتأمين الأهداف الأساسية، والعمل على عدم خروج الموقف عن نطاق السيطرة وتحوله إلى مرحلة التصعيد في ظل ما يحيط به من آثار وتداعيات.
· تحقيق درجة من الإستجابه السريعة والفعالة للظروف والمتغيرات المتسارعة للأزمة لدرء أخطارها، والتحكم فيها وإتخاذ القرارات الحاسمة لمواجهتها، وتوفير الدعم الضروري لإعادة التوازن في التنظيم إلى حالته الطبيعية.
· بناء قدرات المجتمع لمواجهة الأزمات وقت السلم وخلق ثقافة وقائية شاملة وقت حدوث الأزمة، وذلك بمشاركة الجميع في منع تكرارها، وإعادة البناء والتأهيل لصالح الجميع وسرعة العودة إلى أفضل مما كان علية المجتمع قبل وقوع الأزمة.
مراحل إدارة الأزمات:
يتم التميز في إطار دراسة إدارة الأزمات بين عدد من المراحل وذلك على النحو التالي:
(1) الاستعداد والتخفيف: وذلك عن طريق إتخاذ عدد من النشاطات والإجراءات للحد من تداعيات الأزمة والتقليل من أخطارها.
(2) الاستعداد والتحضير: وفيها يتم تقدير الأخطار والإعداد للأزمة، وإعداد دليل بالخطوات الأولى لاندلاعها وتحديد الإمكانات والقدرات الضرورية لتنفيذ خطة المواجهة.
(3) المجابهة:وتعتمد على عدد من العوامل منها، المعلومات الدقيقة والمتكاملة والقدرة على تحديد الأولويات في مجابهة الأزمة القائمة، وتحديد التدابير اللازمة لمواجهة هذه الأزمة.
(4) إعادة التوازن:وفيها يتم العمل على إعادة البناء والأوضاع إلى ما كانت علية قبل الأزمة.
(5) التقييم والتعلم: وفيها يتم تحليل عناصر إدارة الأزمة وتحديد فعالية كل منها ليكون معيارا لبناء مخطط أزمات جديدة، وإسترجاع ودراسة وتحليل الأحداث واستخلاص الدروس المستفادة منها، سواء من تجربة النظام أو من تجارب أنظمة أخرى، والتركيز على معالجة الأزمة الحالية وتحسين القدرات المستقبلية لإدارة الأزمة.
ومن العرض السابق يمكننا تحديد مكونين أساسين لإدارة الأزمات وهما:
أولا/ أسلوب علمي لإدارة الأزمات:
إن هذا الأسلوب يتبع الأصول والقواعد العلمية لإدارة الأزمات، فلا يمكن التعامل مع الأزمة بشكل عشوائي، وهذا الأسلوب العلمي يقوم على ست وظائف أساسية وهي:
1. التخطيط:
ويعد التخطيط بمثابة الإطار العام الذي يتم في نطاقه التعامل مع الأزمات، ومن هنا فإن التخطيط عادة ما يكون مرتبط بحقائق الأزمة وبتطورات الأوضاع المستقبلية لها، وتوقع الأحداث والإعداد للطوارئ ورسم السيناريوهات والأعمال الكفيلة بمعالجة الأزمات بأكبر قدر من الفاعلية والكفاءة.
2. التنظيم:
إن وجود عنصر التنظيم له أهمية كبيرة في التعامل مع الأزمات، حيث لابد من توافر نوع من التناسق والتكامل بين الجهود المختلفة التي تبذل لإدارة الأزمة، خاصة عندما تحتاج الأزمة إلى جهدا جماعيا لمواجهتها، حيث أن التعارض والتناقض وعدم التنسيق يؤدي غالبا إلى ولادة أزمات من نوع جديد.
3. التوجيه:
تقوم عملية التوجيه عادة على تحديد متخذي القرار للمعلومات الضرورية التي من المفترض أن يزوده بها فريق مواجهة الأزمة، ويتضمن التوجيه السليم لإدارة الأزمة شرح طبيعة المهمة ووصف أسلوب العمل ونطاق التدخل والهدف من التدخل وتحديد الصلاحيات...الخ، ويتم ذلك عادة من خلال اجتماع مسبق بأفراد فريق إدارة الأزمة مع متخذي القرار.
4. سياسة الباب المفتوح:
وتقوم هذه السياسة على فتح قنوات الاتصال مع كافة الأطراف المعنية بالأزمة، وذلك لوصول المعلومات الكافية عنها، وتعد هذه السياسية من أفضل الأساليب الوقائية ضد حدوث الأزمات و تصاعدها، وفي الوقت نفسه تسعى هذه السياسة إلى تحقيق الاتصال الفعال الذي يوجه الجهود ويوحدها بشكل منظم لتحقيق أكبر قدر من الأهداف الموضوعة.
5. التواجد المستمر في موقع الأحداث:
لا يمكن معالجة أي أزمة ونحن بعيدين عنها، أي اجتناب تغيب المعلومات عن متخذي القرار فيجب على متخذ القرار أن يعيش أحداثها، ويساعد التواجد المستمر في مواقع الأحداث على توفير المعلومات الضرورية الفعلية( الحسية) للأزمة لمتخذ القرار، حتى يكون على بينة كاملة بتطورات الأحداث.
6. تبسيط الإجراءات:
تعد الإجراءات الروتينية المعقدة التي تتعامل مع المشكلات العادية مسببة في اندلاع وزيادة حدة الأزمات، فلذالك فإن تبسيط الإجراءات يساعد على التعامل السريع مع الأزمة، لما لعنصر الوقت من أهمية كبرى في مواجهة الأزمات.
ثانيا/ فريق إدارة الأزمات:
مع التقدم الكبير للبشرية في شتى المجالات وازدياد الأزمات وتعقيدها وتشابك فروعها وتعدد جوانبها، أصبح من الضروري وجود فريق متكامل لإدارة هذه الأزمة ووضع الحلول المناسبة لها وعدم الاعتماد على القرارات الفردية. ومن ثم يحتاج التعامل مع الأزمات إلى اختيار مجموعة من الأفراد المؤهلين والمدربين والقادرين على التوافق السريع مع أحداثها. ويختلف تشكيل فريق إدارة الأزمات من أزمة لأخرى، ويتم إعداد هذا الفريق وتدريبه وإسناد المهام إليه وتكليفه بمعالجاتها وتحديد المدى الزمني والحقوق والسلطات والإطار العام للحركة.
وترتبط عملية اختيار فريق إدارة الأزمات وإسناد المهام إلية بنوعية وطبيعة الأزمة التي يوجهها النظام السياسي، فالأزمة السياسية تختلف عن الأزمة الإقتصادية أو العسكرية أو العمالية...الخ، وبشكل عام يمكن أن نستخلص بعض المهام العملية التي يمكن إيكالها لفرق إدارة الأزمات منها: التخطيط لمواجه الأزمات بشتى أنواعها، وضع السيناريوهات المحتملة لحدوث أزمات وطرق حلها ومعالجتها...الخ. وفي معظم الدول المتقدمة في هذا الشأن يتم إنشاء فريق رسمي أو غير رسمي لإدارة شئون الأزمات، ترأسه الحكومة الوطنية وذلك بالتنسيق مع مكتب رئيس الدولة والأجهزة والمنظمات الحكومية والغير حكومية والمنظمات المانحة للمعونات، وأبرز مثال على ذلك التجربة البريطانية والألمانية في مجال إدارة الأزمات.
ويتحدد فريق إدارة الأزمة من الأتي:
1. أخصائي قانوني.
2. أخصائي مالي.
3. أخصائي علاقات عامة.
4. أخصائي اتصالات.
5. ممثل عن الادرة العليا.
القرار والقيادة في ادارة الأزمات:
يمثل إتخاذ القرار جوهر موضوع إدارة الأزمة، ويمثل القرار المشكلة الرئيسية وقت الأزمة نظرا لتعرض متخذ القرار لمجموعة من الضغوط التي لا تسمح له بالتفكير بشكل اعتيادي، وعندما يفشل متخذ القرار وقت الأزمة في السيطرة على مجريات الأمور قد يجد نفسه مضطرا إلى الانسحاب أو الاستسلام أو الانهيار.
إن إدارة الأزمات والتعامل معها هي في النهاية محصلة لتفاعل عوامل موضوعية وذاتية متعددة، كما أن هناك دورا كبيرا ومؤثرا للقيادة السياسية في إدارة الأزمات وفي نجاح التطبيق الاستراتيجي (إدارة العمليات) لها وتأمين المرتكزات الرئيسية مثل عمليات التخطيط والتوجيه والتنظيم وغيرها، وبالمقابل نجد أن للأزمة تأثيرا كبيرا على القائد وقد تكون هذه التأثيرات سلبيه بسبب ارتباطها بكيفية التعامل معها وإدارتها، إذ أن هناك علاقة متبادلة بين القائد والأزمة فكل واحد منهما يؤثر ويتأثر بالآخر، وفي إدارة الأزمات تتجلي أهمية القائد ودوره في تحديد مسار الأزمة وتطوراتها المختلفة، ولكن هناك مجموعة من العوامل التي قد تفعل هذا الدور أو تقلل من أهميته ومن أهم تلك العوامل :-
(1) درجة اهتمامه بالأزمة. (2) خبرته بالتعامل مع الأزمات.
(3) مرونة القائد وعقلانيته. (4) ادارك القائد لأهمية إدارة الأزمة.
(5) وجود أو عدم وجود مؤسسات فعاله لإدارة الأزمة.
وطبقا للقيادة السياسة للدولة يتحدد موقف الإدارة من الأزمة وفقا لإدراك القيادة للموقف بناء على أمرين:-
1. أن تدرك القيادة حقيقة الأزمة ولكنها تفشل في مواجهتها بالأسلوب المناسب.
2. أن تدرك القيادة حقيقة الأزمة وتقوم بمواجهتها بالأسلوب المناسب وبشكل ايجابي وسريع بما يمكن الحد من الخسائر.
3. أن تقف الادارة موقفا سلبيا وتتجاهل الأزمة.
4. أن تدرك الادارة حقيقة الأزمة ولكن نقص الامكانيات المتحاحة تؤدي الى تفاقم الأزمة.
كما أن عملية التخطيط لمواجهة الأزمات هي عملية وضع ضوابط علمية وواقعية يتم إعدادها بشكل مبكر بقدر الإمكان لمواجهة الأزمة المحتملة أو المتوقعة، كما أنها تستهدف خلق نوع من المساهمة الفعالة في منع حدوث الأزمة المحتملة والتصدي لها حال حدوثها والعودة إلى الوضع الطبيعي بعد انتهائها مثال على ذلك (عودة ماليزيا للوضع الطبيعي بعد انتهاء الأزمة المالية عام 1997م، إثر الإدارة الجيدة للأزمة والاعتماد على الإمكانيات الذاتية الماليزية وعدم لجوئها للمنظمات الاقتصادية الدولية، التي كان من الممكن أن تحل الأزمة بشكل وقتي ولكن الأزمة ستتفاقم بعد ذلك على المدى البعيد مثل ما حدث في إندونيسيا)، وترتبط عملية التخطيط لمواجهة الأزمات بشكل وثيق بالسياسة العامة للدولة والتي تتم في ظل إمكانياتها وتوجيهاتها، وتشكل عملية التخطيط الركيزة الرئيسية لإدارة فعالة لأي أزمة بصرف النظر عن نوعيتها، حيث يمكن تطبيق أسس عملية التخطيط على أي نوع من أنواع الأزمات المحتملة.
ويرتبط جوهر عملية التخطيط أولا بعملية التنبؤ بالأزمات المحتملة وأطرافها والظروف المحيطة بها، وتحديد الأطراف الرئيسية لإدارة الأزمة عند نشوبها أو تحديد الأسس الإستراتيجية التي تتم من خلالها معالجة الأزمة مثل محاولة التعرف على كافة المخاطر والتهديدات المحتملة التي يمكن أن تصاحب حدوث الأزمة، وتقييم تلك المخاطر وتحديد الأوليات طبقا لأهميتها، وأيضا الجهات والمؤسسات التي ستشترك في إدارة الأزمة وأدوار كل منها، ثم يتم تحديد أسلوب التنفيذ للخطة الموضوعة حال وقوع الأزمة والتصرف وفقا لهذا المفهوم.
وتعتمد إدارة أي أزمة على الخطة العملية الموضوعة لمواجهتها والتي تتضمن كافة البدائل الممكنة التي يتم التوصل إليها من خلال جمع البيانات والمعلومات وتحليلها وتصنيفها واستعراض تجارب الدول المتقدمة في التعامل مع مثل تلك الأزمة وتدريب الفرق المختصة أو المكلفة بالإشراف على إدارة الأزمة بغية نجاحها ، ويحتاج ذلك كله إلى وضع خطة ثابتة يقوم المركز المختص بإدارة الأزمات بوضعها للتعامل مع الأزمة في مراحل مبكرة وقبل حدوثها اعتمادا على عنصري التنبؤ والتوقع، كما يحتاج إلى تحديد نوع الأزمة وطبيعتها ووقت ومكان حدوثها، إضافة إلى تحديد الإطار العام لها والظروف الملابسة لها وإمكانية تشابهها مع مثيلاتها من أزمات سابقة، واستخلاص النتائج والعبر منها، وهو الأمر الذي يحتاج إلى فريق متخصص ومؤهل على إدارة الأزمات ومدرب على تنفيذ الخطط أو تعديلها عند وقوع الأزمات.
وتعددت محاولات تعريف مفهوم إدارة الأزمات ويشير التعريف الأول على أنها: (اتخاذ إجراءات طارئة تحت ضغوط متنوعة ومتعددة ومؤثرات داخلية لحل مشكلات سببتها الأزمة نفسها إما بفعل وإما بتراكم أثار وسلبيات البيروقراطية والإهمال مرورا بعواقب الأزمة أو خسائرها)، ويشير التعريف الثاني على أنها: (العملية الإدارية المستمرة للنظام السياسي التي تهتم بالتنبؤ بالأزمات المحتملة عن طريق الاستشعار ورصد المتغيرات للبيئتين الداخلية والدولية المولدة للأزمات، وتعبئة الموارد والإمكانيات المتاحة لمنع أو للتعامل مع الأزمات بأكبر قدر ممكن من الكفاءة والفاعلية وبما يحقق أقل قدر ممكن من الضرر للنظام وللبيئة والعاملين على ضمان العودة للأوضاع الطبيعية في أسرع وقت وبأقل تكلفة، مع استخلاص الدروس والنتائج المهمة لمنع حدوثها وتحسين طرق التعامل معها مستقبلا، وتعظيم الفائدة الناتجة عنها إلى أقصى درجة.
أهداف إدارة الأزمات:
تسعي إدارة الأزمات إلى تحقيق العديد من الغايات والأهداف الأساسية من أهمها:-
· تجنب الإنهيار التام في التوازن داخل النظام والتوفيق بين الحاجة إلى حماية المصالح المعرضة للخطر والرغبة في تجنب التصعيد غير المرغوب فيه للأزمة وتأمين الأهداف الأساسية، والعمل على عدم خروج الموقف عن نطاق السيطرة وتحوله إلى مرحلة التصعيد في ظل ما يحيط به من آثار وتداعيات.
· تحقيق درجة من الإستجابه السريعة والفعالة للظروف والمتغيرات المتسارعة للأزمة لدرء أخطارها، والتحكم فيها وإتخاذ القرارات الحاسمة لمواجهتها، وتوفير الدعم الضروري لإعادة التوازن في التنظيم إلى حالته الطبيعية.
· بناء قدرات المجتمع لمواجهة الأزمات وقت السلم وخلق ثقافة وقائية شاملة وقت حدوث الأزمة، وذلك بمشاركة الجميع في منع تكرارها، وإعادة البناء والتأهيل لصالح الجميع وسرعة العودة إلى أفضل مما كان علية المجتمع قبل وقوع الأزمة.
مراحل إدارة الأزمات:
يتم التميز في إطار دراسة إدارة الأزمات بين عدد من المراحل وذلك على النحو التالي:
(1) الاستعداد والتخفيف: وذلك عن طريق إتخاذ عدد من النشاطات والإجراءات للحد من تداعيات الأزمة والتقليل من أخطارها.
(2) الاستعداد والتحضير: وفيها يتم تقدير الأخطار والإعداد للأزمة، وإعداد دليل بالخطوات الأولى لاندلاعها وتحديد الإمكانات والقدرات الضرورية لتنفيذ خطة المواجهة.
(3) المجابهة:وتعتمد على عدد من العوامل منها، المعلومات الدقيقة والمتكاملة والقدرة على تحديد الأولويات في مجابهة الأزمة القائمة، وتحديد التدابير اللازمة لمواجهة هذه الأزمة.
(4) إعادة التوازن:وفيها يتم العمل على إعادة البناء والأوضاع إلى ما كانت علية قبل الأزمة.
(5) التقييم والتعلم: وفيها يتم تحليل عناصر إدارة الأزمة وتحديد فعالية كل منها ليكون معيارا لبناء مخطط أزمات جديدة، وإسترجاع ودراسة وتحليل الأحداث واستخلاص الدروس المستفادة منها، سواء من تجربة النظام أو من تجارب أنظمة أخرى، والتركيز على معالجة الأزمة الحالية وتحسين القدرات المستقبلية لإدارة الأزمة.
ومن العرض السابق يمكننا تحديد مكونين أساسين لإدارة الأزمات وهما:
أولا/ أسلوب علمي لإدارة الأزمات:
إن هذا الأسلوب يتبع الأصول والقواعد العلمية لإدارة الأزمات، فلا يمكن التعامل مع الأزمة بشكل عشوائي، وهذا الأسلوب العلمي يقوم على ست وظائف أساسية وهي:
1. التخطيط:
ويعد التخطيط بمثابة الإطار العام الذي يتم في نطاقه التعامل مع الأزمات، ومن هنا فإن التخطيط عادة ما يكون مرتبط بحقائق الأزمة وبتطورات الأوضاع المستقبلية لها، وتوقع الأحداث والإعداد للطوارئ ورسم السيناريوهات والأعمال الكفيلة بمعالجة الأزمات بأكبر قدر من الفاعلية والكفاءة.
2. التنظيم:
إن وجود عنصر التنظيم له أهمية كبيرة في التعامل مع الأزمات، حيث لابد من توافر نوع من التناسق والتكامل بين الجهود المختلفة التي تبذل لإدارة الأزمة، خاصة عندما تحتاج الأزمة إلى جهدا جماعيا لمواجهتها، حيث أن التعارض والتناقض وعدم التنسيق يؤدي غالبا إلى ولادة أزمات من نوع جديد.
3. التوجيه:
تقوم عملية التوجيه عادة على تحديد متخذي القرار للمعلومات الضرورية التي من المفترض أن يزوده بها فريق مواجهة الأزمة، ويتضمن التوجيه السليم لإدارة الأزمة شرح طبيعة المهمة ووصف أسلوب العمل ونطاق التدخل والهدف من التدخل وتحديد الصلاحيات...الخ، ويتم ذلك عادة من خلال اجتماع مسبق بأفراد فريق إدارة الأزمة مع متخذي القرار.
4. سياسة الباب المفتوح:
وتقوم هذه السياسة على فتح قنوات الاتصال مع كافة الأطراف المعنية بالأزمة، وذلك لوصول المعلومات الكافية عنها، وتعد هذه السياسية من أفضل الأساليب الوقائية ضد حدوث الأزمات و تصاعدها، وفي الوقت نفسه تسعى هذه السياسة إلى تحقيق الاتصال الفعال الذي يوجه الجهود ويوحدها بشكل منظم لتحقيق أكبر قدر من الأهداف الموضوعة.
5. التواجد المستمر في موقع الأحداث:
لا يمكن معالجة أي أزمة ونحن بعيدين عنها، أي اجتناب تغيب المعلومات عن متخذي القرار فيجب على متخذ القرار أن يعيش أحداثها، ويساعد التواجد المستمر في مواقع الأحداث على توفير المعلومات الضرورية الفعلية( الحسية) للأزمة لمتخذ القرار، حتى يكون على بينة كاملة بتطورات الأحداث.
6. تبسيط الإجراءات:
تعد الإجراءات الروتينية المعقدة التي تتعامل مع المشكلات العادية مسببة في اندلاع وزيادة حدة الأزمات، فلذالك فإن تبسيط الإجراءات يساعد على التعامل السريع مع الأزمة، لما لعنصر الوقت من أهمية كبرى في مواجهة الأزمات.
ثانيا/ فريق إدارة الأزمات:
مع التقدم الكبير للبشرية في شتى المجالات وازدياد الأزمات وتعقيدها وتشابك فروعها وتعدد جوانبها، أصبح من الضروري وجود فريق متكامل لإدارة هذه الأزمة ووضع الحلول المناسبة لها وعدم الاعتماد على القرارات الفردية. ومن ثم يحتاج التعامل مع الأزمات إلى اختيار مجموعة من الأفراد المؤهلين والمدربين والقادرين على التوافق السريع مع أحداثها. ويختلف تشكيل فريق إدارة الأزمات من أزمة لأخرى، ويتم إعداد هذا الفريق وتدريبه وإسناد المهام إليه وتكليفه بمعالجاتها وتحديد المدى الزمني والحقوق والسلطات والإطار العام للحركة.
وترتبط عملية اختيار فريق إدارة الأزمات وإسناد المهام إلية بنوعية وطبيعة الأزمة التي يوجهها النظام السياسي، فالأزمة السياسية تختلف عن الأزمة الإقتصادية أو العسكرية أو العمالية...الخ، وبشكل عام يمكن أن نستخلص بعض المهام العملية التي يمكن إيكالها لفرق إدارة الأزمات منها: التخطيط لمواجه الأزمات بشتى أنواعها، وضع السيناريوهات المحتملة لحدوث أزمات وطرق حلها ومعالجتها...الخ. وفي معظم الدول المتقدمة في هذا الشأن يتم إنشاء فريق رسمي أو غير رسمي لإدارة شئون الأزمات، ترأسه الحكومة الوطنية وذلك بالتنسيق مع مكتب رئيس الدولة والأجهزة والمنظمات الحكومية والغير حكومية والمنظمات المانحة للمعونات، وأبرز مثال على ذلك التجربة البريطانية والألمانية في مجال إدارة الأزمات.
ويتحدد فريق إدارة الأزمة من الأتي:
1. أخصائي قانوني.
2. أخصائي مالي.
3. أخصائي علاقات عامة.
4. أخصائي اتصالات.
5. ممثل عن الادرة العليا.
القرار والقيادة في ادارة الأزمات:
يمثل إتخاذ القرار جوهر موضوع إدارة الأزمة، ويمثل القرار المشكلة الرئيسية وقت الأزمة نظرا لتعرض متخذ القرار لمجموعة من الضغوط التي لا تسمح له بالتفكير بشكل اعتيادي، وعندما يفشل متخذ القرار وقت الأزمة في السيطرة على مجريات الأمور قد يجد نفسه مضطرا إلى الانسحاب أو الاستسلام أو الانهيار.
إن إدارة الأزمات والتعامل معها هي في النهاية محصلة لتفاعل عوامل موضوعية وذاتية متعددة، كما أن هناك دورا كبيرا ومؤثرا للقيادة السياسية في إدارة الأزمات وفي نجاح التطبيق الاستراتيجي (إدارة العمليات) لها وتأمين المرتكزات الرئيسية مثل عمليات التخطيط والتوجيه والتنظيم وغيرها، وبالمقابل نجد أن للأزمة تأثيرا كبيرا على القائد وقد تكون هذه التأثيرات سلبيه بسبب ارتباطها بكيفية التعامل معها وإدارتها، إذ أن هناك علاقة متبادلة بين القائد والأزمة فكل واحد منهما يؤثر ويتأثر بالآخر، وفي إدارة الأزمات تتجلي أهمية القائد ودوره في تحديد مسار الأزمة وتطوراتها المختلفة، ولكن هناك مجموعة من العوامل التي قد تفعل هذا الدور أو تقلل من أهميته ومن أهم تلك العوامل :-
(1) درجة اهتمامه بالأزمة. (2) خبرته بالتعامل مع الأزمات.
(3) مرونة القائد وعقلانيته. (4) ادارك القائد لأهمية إدارة الأزمة.
(5) وجود أو عدم وجود مؤسسات فعاله لإدارة الأزمة.
وطبقا للقيادة السياسة للدولة يتحدد موقف الإدارة من الأزمة وفقا لإدراك القيادة للموقف بناء على أمرين:-
1. أن تدرك القيادة حقيقة الأزمة ولكنها تفشل في مواجهتها بالأسلوب المناسب.
2. أن تدرك القيادة حقيقة الأزمة وتقوم بمواجهتها بالأسلوب المناسب وبشكل ايجابي وسريع بما يمكن الحد من الخسائر.
3. أن تقف الادارة موقفا سلبيا وتتجاهل الأزمة.
4. أن تدرك الادارة حقيقة الأزمة ولكن نقص الامكانيات المتحاحة تؤدي الى تفاقم الأزمة.
مرحبا بك يا اخ فيصل
ردحذفما شاء الله على المعلومات
بصراحة شاملة ومخصرة نتمى ان يستفيد الكل
وانا بعد اذنك سوف اقتبس منها في بعض الدورات
وحياك الله
مقال جميلة جدا و موضوع مهم . و تخصص مطلوب لذلك نلاحظ ان الدوله في السنوات القليلة الماضية بأرسال طلبة لدراسة هذا التخصص...
ردحذفأخ فيصل جزاك الله خير . و اود ان ابدي اعجابي باسلوبك الجميل بالكتابه
مشاء الله
ردحذفممتاز ان تكون عندنا هذي العقليات
منها للاعلى وبانتظار مقالك القادم
معلومات مفيدة ،ومميزة.
ردحذفولا ألم د. جاسم من الاقتباس منها للستفاده منها.
الاخ العزيز ابو حمد انا شخصيا لا يسعاني اله ان اقول لك تميزت في مقالك الجميل،وجزاك الله خير
واتمنى لك التوفيق.